...
آخر المواضيع

السبت، 29 أكتوبر 2016

طارق بن زياد ودوره في استقرار الإسلام بالجزائر

طارق بن زيادودوره في استقرار الإسلام بالجزائر






محاضرة من إعداد

سي حاج محمد محند طيب

 




عناصر المحاضرة:


·         لمحة تاريخية

·         الفتح الإسلامي , وكيف استقبله الأهالي

·         ظهور طارق بن زياد

·         تألق طارق بن زياد

·         حالة الجزائر اليوم

·         الخاتمة
طارق بن زياد ودوره في استقرار  الإسلام بالجزائر
لمحة تاريخية :
من المعروف أن الجزائر قد تعاقب عليها الغزاة منذ فجر التاريخ  , وهذا كما عزاه بعض  المحللين إالى ثروات البلاد , وتربتها الخصبة , بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز ؛ برا وبحرا , مما جعل الطامعين يتصارعون على الاستحواذ على خيراتها ؛ بحيث لا يغادرها المحتل القديم  إلا إذا هزمه الجديد وأجلاه .
فهؤلاء الفنيقيون الذين استوطنوا بالجزائر ما يقرب من سبعة قرون حسب بعض المؤرخين , حتى قضى على دولتهم الرومان الذين احتلوا هم بدورهم البلاد ما يزيد على خمسة قرون . ولم يجلوا عنها إلا بتغلب الواندال عليهم ,الذين مكثوا بها ما يقرب من قرن ونصف , بعد أن عاثوا بها فسادا وتدميرا .ثم إن هؤلاء أجلاهم الروم البزنطيون, الذين تجاوز بقاؤهم بالجزائر ما يزيد على قرن .وأخيرا أشرق نور الفتح الإسلامي,  الذي تغلغلت جذوره في الأعماق , واستقر فيها استقرارا أبديا ليس تمحوه الليالي والأجيال !!
ومع ذلك فلم تسلم البلاد بعده من محاولات الاحتلال من جديد ؛ فهذه فرنسا التي جندت جيشا  ضخما لاحتلالها فتم لها ما أرادت بعد أن هزمت الأتراك الذين حكموا البلاد مدة تزيد على ثلاثة قرون.
الفتح الإسلامي وكيف استقبله الأهالي :
استقبل السكان الفاتحين بمقاومة عنيفة , حيث اعتبروهم كغيرهم من الغزاة السابقين الذين لم تجن منهم البلاد سوى الاستغلال والاضطهاد والدمار, مما حدا بالزعيمة الأمازيغية إلى إحراق الأرض , قطعا  لأطماع الوافدين الجدد , حتى أطلق على البلاد اسم"الأرض المحروقة" . غبر أن الفاتحين أعلنوا أن هدفهم يختلف تمام الاختلاف عن الغزاة؛ فهم لم يأتوا من أجل الاستيلاء على خيرات البلاد , كما فعل السابقون , بل جاءوا من أجل هدف رفيع شريف؛ إنه إخراج للإنسان من  ظلمات الكفر إلى نور الإيمان . إنه نور الإسلام . ورغم ذلك فإن السكان لم يصدقوا ما سمعوا , لتجربتهم المريرة مع السابقين طيلة الأحقاب المتلاحقة , عبر تاريخهم الطويل؛ لأنهم لم يتصوروا غازيا قط لم يأت من أجل الاستئثار بخيرات البلاد !!
ومع ذلك فقد بدأ الناس ـ ولو مع الحذر الشديد ـ يقتربون من الوافدين الجدد . وما أن شرعوا يعتنقون الدين الجديد , حتى رأوا رأي العين , وتلمسوا باليد ما سمعوا ؛ فأخذت عوامل الريب والحذر تزول شيئا فشيئا , حتى أن الكاهنه التي قاومت الفاتحين مقاومة شرسة , نصحت ولديها بالدخول في الإسلام وآخت بينهما وبين قائد عربي أسير لديها ؛ حيث تقول بعض الروايات بأنها مزجت عجين خبز بلبنها فأطعمته ابنيها والقائد العربي؛ وهذا معناه أنهم أصبحوا إخوة  رضعوا أمًّا واحدة. ويقال : إن الكاهنة سئلت لماذا لا تدخل في الإسلام ما دامت تدرك فضله ؟ فأجابت بأن الملكة الأمازيغية تعرف كيف تموت كما تعرف كيف تعيش !
ظهور طارق بن زياد:
هو طارق بن زياد بن عبد الله بن ولغو بن ورفحوم بن بزغاسن بن ولهاص بن يطومت بن نفزاو (شكيب أرسلان ـ تاريخ غزوات العرب ،ص.46).
وقد كان موسى بن نصير الفاتح العظيم قد قرب طارق بن زياد من نفسه , واتخذه مولى له , لخصاله الممتازة ؛ فاستعمله على طنجة والمغرب الأقصى سنة 85هـ. ومعه تسعة عشر ألف (19 ألف) فارس بربري , ومعهم بعض الفاتحين يعلمونهم القرآن , ومبادئ الدين .
تألق طارق بن زياد :
وفي سنة 92هـ/714م.تلقى طارق أمرا من مولاه موسى بن نصير بعبور بوغاز" جبل طارق" الذي كان يسمى "صخرة الأسد" , ثم أصبح يحمل اسمه منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا  , ولاشك أنه سيبقى يحمل اسمه إلى الأبد .
عبر طارق بن زياد البوغاز باثني عشر ألف مجاهد , ولكي يدفع جنوده إلى الاستبسال فكر في وسيلة تجعلهم لا يفكرون أبدا في التقهقر والانهزام , بل في القتال دفاعا عن وجودهم؛ فعمد إلى السفن فأحرقها , وخطب في جيشه خطبته المشهورة في التاريخ , تلك الخطبة التي أصبحت تدرس حتى في الأنظمة الحربية الحديثة . ومن جملة ما قال :«العدو أمامكم , والبحر وراءكم وليس لكم والله سوى سيوفكم ..فإن لم تدافعوا عن أنفسكم  , فأنتم والله أضيع من الأيتام , على مأدبة اللئام ...إلخ» .
فانطق طارق  شاقا بلاد الأندلس , بهذا الجيش الصغير, فتم له النصر المؤزر بسرعة عجيبة , أذهلت المؤرخين  والمعاصرين معا , حتى أن مولاه موسى بن نصير التحق به , ليحد من هذا الاندفاع الفياض, وليشاركه هذا النصر الباهر, الذي ربما أثار غيرته , مما جعله يؤنبه على هذه المخاطرة بجيش المسلمين . وحسب بعض المؤرخين فإن موسى بن نصير حذف طارقا بسوطه . ويعلل المؤرخون انتصار طارق بهذه السرعة العجيبة , وبهذا الجيش الصغير, بكون البلاد كانت ترزح تحت نير الظلم والاضطهاد , الذي سلطه الملك وحاشيته على الشعب , خاصة اليهود الذين يذيقونهم ألوانا من الظلم والتعسف , يكاد يكون كالذي كان فرعون يسومه بني إسرائيل . وحسب المستشرق الهلندي"دوزي" فإن رجال اليهود محرم عليهم أن يتزوجوا إلا من الإماء المسيحيات , وأن نساءهم محرم عليهن أن يتزوجن إلا من العبيد المسيحيين  . وهكذا أضحى الأهالي ينتظرون من ينقذهم مما هم فيه من الظلم والجور.
ثم إن طارقا ذهب إلى دمشق صحبة مولاه موسى بن نصير لتقديم الغنائم الهائلة التي غنموها من الأندلس إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك . وبينما هما في الطريق تلقى موسى كتابا من الحليفة نفسه , يستحثه على الإسراع في السير , لأنه مريض , وخشي أن يموت قبل وصول الغنائم . غير أن موسى تلقى كتابا آخر من أخي الخليفة سليمان , يطلب منه أن يتلكأ في السير, طمعا في وقوع الغنائم بيده  بعد وفاة أخيه ؛ لأنه ولي العهد . غير أن موسى وفاء منه وإخلاصا , أغذ السير فالتحق بالخليفة ؛ وبعد ثلاثة أيام توفي الوليد , وتولى الخلافة أخوه سليمان , فما كان من هذا الأخير إلا أن نكب موسى بن نصير, الذي لم يستجب لطلبه بالتلكؤ في مسيره . ويرى بعض المؤرخين أن ذلك انتقام من الله لطارق الذي جازاه موسى سوء الجزاء على إحسانه . فسبحان الذي لا يظلم مثقال ذرة !!
لكن هل من تأثير لكل ذلك على الأمازبغ ؟...  نعم إن له تأثيرا قويا عظيما ؛ فقد اختفى تماما ذلك التردد وذلك الحذر بين الأمازيغ تجاه الفاتحين والإسلام معا ؛ حيث تروي لنا كتب التاريخ ؛ أن الأمازيغ ارتدوا عن الإسلام اثنتي عشر مرة  في بداية الفتح .
نعم بتألق طارق ابن الأمازيغ الأحرار في ميدان نشر الدعوة الإسلامية , اختفت المخاوف , وزال التردد, وحلت محل الشك الثقة والاطمئنان !!
فكيف لا ؟ وقد كان الرومان يسمونهم عبيدا ويسمون أنفسهم أحرارا وأسيادا . حتى إن بعض روايات التاريخ تروي : أن الأمازيغي لا يسمح له بالمبيت في مدينة رومانية ..!  يا للعجب...!! الأمازيغي في نظر الرومان  أحقر من الحيوان الذي يبيت في مدن الرومان !!
أما الفاتحون الجدد ؛ فهاهم يعاملونهم بكل عدل وإنصاف , بل يحلون زعماءهم مكانة مرموقة , ويسندون إليهم مناصب عالية في الدولة, ما توسموا فيهم كفاءة وقدرة على ذلك . بل إنهم لا يستنكفون أن ينضووا تحت إمرتهم , وهم الفاتحون..!  أي عدل أكبر من هذا..؟  وأي نظام أرقى من هذا..؟  وأي دين أعظم من هذا..؟  وأي أخوة أصفى وأسمى من هذه الأخوة..؟ !!!
هذا  ما جعل الجزائريين  يقبلون على الإسلام بإخلاص عميق , وحماس متدفق , يفوق في بعض الأحيان حماس الذين جاءوا به !!
أبعد كل هذا بقي لقائل أن يقول : بأن الجزائريين أدخلوا إلى الإسلام كرها ؟... فلو كان الأمر كما زعموا  لكان الرومان أولى بذلك من العرب ؛ ذلك أن قوة العرب المادية لا تكاد تذكر أمام القوة الرومانية الهائلة ؛ رغم طول مكوثهم بالبلاد ما يزيد على خمسة قرون. ثم إن الأمازيغ مشهورون في التاريخ أنهم لا ينقادون بالقوة أبدا .
وهكذا فتح الجزائريون صفحة بيضاء في تاريخهم المجيد؛ فاختاروا الإسلام , وأحسنوا الاختيار؛ فطوبى ثم  طوبى لهم و لنا جميعا , على هذا الاختيار الغالي الحكيم .
حالة الجزائر اليوم:
ولعله من الأمور الملحة أن نتعرض هنا , ولو باقتضاب , إلى سر تصنيف الجزائريين إلى عرب وأمازيغ.
تقول كتب التاريخ : إن عدد العرب الفاتحين الذين استقروا بالجزائر بعد الفتح , يقدر بنحو عشرين ألف . ثم إن الجزائر استقبلت من أمواج  بني هلال النازحين ما يقدر بخمسين ألف , ومعنى ذلك ؛ أن عدد العرب الذين استوطنوا الجزائر يقدر بسبعين ألف نسمة , ولكن ما هي نسبة العرب إلى الأمازيغ في يومنا هذا..؟  لنحاول استنطاق  إحصائيات عام 1977 التي أسفرت عن النتيجة التالية : عدد السكان  ثمانية عشر مليون نسمة ؛ منهم حوالي ثلاثة ملايين أو أكثر قليلا يتحدثون الأمازيغية.!!
إن هذه النتيجة لتبدو في غاية الغرابة..!  إذ كيف يتصور في العقل أن يتناسل سبعون ألف , فيبلغوا ما يقارب  خمسة عشر مليونا , وفي نفس المدة لا ينجب  جميع سكان الجزائر سوى ثلاثة ملايين..!! أمر غريب حقا ..!
لكن الغرابة تزول عندما نسمع تفسير بعض الباحثين لهذه الظاهرة العجيبة .. !!
يقول هؤلاء الباحثون في تفسيرهم : إن من يحسبون اليوم عربا هم في الأصل أمازيغ  أقحاح ؛ إنما فقط  نسوا الأمازيغية فأصبحوا يتحدثون العربية , وهذا لتعلقهم الشديد بالإسلام , وبالتالي اللغة التي تقربهم من فهم الإسلام . وقد يكون العكس , حيث نجد عربا يتحدثون الأمازيغة بحكم استقرارهم بين الأمازيغ  .
نعم إنه تفسير منطقي في غاية الوضوح والإقناع . وهذا يؤيده  ما هو قائم اليوم في الواقع ؛ وكم من أمازيغ استقروا في  وسط لا يتكلم سوى العربية , فنشأ أبناؤهم يجهلون الأمازيغية , والعكس بالعكس .
الخاتمة:
إن الجزائر  ـ كما يجني أحيانا على المرأة الحسناء جمالها ـ قد جنى عليها موقعها الممتاز, وخيراتها الوافرة , التي أسالت لعاب الطامعين منذ القديم , وما تزال كذلك إلى اليوم وإلى الغد , مما يفرض على أبنائها الاتصاف بقدر كبير من اليقظة والحيطة والحذر ؛ فهي تعيش بين إخوة ـ سامحهم الله  ـ لا يترفعون عن مستوى الغيرة والحسد , وبين أعداء ألداء يتحينون بها الفرص السانحة , لينقضوا عليها انقضاض النسور على الفريسة !.
اللهم كما أنعمت على الجزائر بالخيرات , فأنعم عليها بالسلامة من كل خطر ومكروه , وبالحماية من كل عدو لئيم بغيض .
المراجع:

1 ـ تاريخ الجزائر العام ج.1       عبد الرحمن الجيلالي
2 ـ الجزائر في مرآة التاريخ        محمد الميلي ـ عبد الله شريط
3 ـ الحلل السندسية المجلد 1        شكيب أرسلان
4 ـ تاريخ غزوات العرب              "         "
                                       إعداد : سي حاج م . م . طيب

                                                                              

تيزي وزو في: 2004/04/25 

حلقات الذكر ببلاد زواوة ودورها في التربية و ترسيخ العقيدة

   حلقات  الذكر  ببلاد  زواوة ، ودورها
             في التربية و ترسيخ  العقيدة              
                     
                                                               
      التصميم:

                            تمهيد.

·       تعريف  الحلقة.
·       أهدافها.
·       أنواعها.
·       مضمون  معانيها.
·       فنيات  مبناها.
·       النتائج.
·       نبذة  عن فضل  حلقات  الذكر.
·       الخاتمة

                                           من إعداد    سي  حاج  م,م,طيب


حلقات  الذكر ببلاد  زواوة، ودوورها في ترسيخ  العقيدة

 تمهيد: منذ  بزوغ  فجر  الإسلام في ربوع البلاد  ظهرت  الحاجة الملحة إلى كيفية  نشر العقيدة  وبالتالي كيفية  الحفاظ عليها، وترسيخها في  أذهان  معتنقيها؛ وقد تعـددت  الوسائل  والطرق التي يتوخى  منها القيام  بهذه  الأدوار، كلها  أو بعـضها  على الأقل،. وقد  لعـبت  المساجد  دورا رائدا في  هذا  المضمار، ومعها  زوايا  العلم  وتحفيظ  القرءان.  غير أن المستوى  العلمي  الرفيع للدروس  المقدمة في  هذه  المؤسسات ، قد  لا يناسب  كل  الفئات ، خاصة  فئة  الكبار الذين  لم  يسعـفهم  الحظ  لنيل القدر  المقبول من  العلم.  ومع  ذلك  فليس من  الحكمة  إهمال  هذه  الفئة ؛ لأنها  تمثل  الأغلبية  الساحقة من  الأمة؛  فكان  لزاما  إيجاد  وسيلة  وطريقة فعالة  تناسب  مستوى  هذه  الفئة، وهنا  ظهرت  فكرة  حلقات  الذكر.
   ـ تعـريف  الحـلقة:
الحـلقة  لغويا  هي  دائرة مفرغة  الوسط. أما  اصطلاحا  فهي تجمع  مجموعة  من  الناس  على شكل  حلقة ـ تتسع  وتضيق  حسب  العـدد ـ حول  رجل  بارز  علما  وأخلاقا, لتلقي  المعارف  والمواعظ   منه. وهذه  هي  الطريقة  المتبعة  في  إلقاء  الدروس  بالمساجد  والزوا يا،  وبقيت  إلى عهد  قريب.،  وربما  لا تزال  إلى  اليوم  في  بعض  الأماكن؛ لبساطتها  وفعاليتها لأنها  لا تتطلب  تجهيزات  إضافية عن  أمكنة  الصلاة.
    هذا  بالنسبة  لطا لبي  العلم  والتبحر  فيه، أما  بالنسبة  للعـوام  فإن  لهم  حلقات  من  نوع  خاص، تستجيب  لحاجاتهم  ، وتناسب  مستواهم؛ فكانت  حـلقات  الذكر  التي تستجيب  لتلك  الحاجات ؛ لاسيما  أن  الشريعة  أكدت   على فضل  تلك  الحـلقات  ، وألحت  على  حضورها؛    
 ـ سنتعـرض لذلك في  ختام  هذا  العـرض ـ
أهداف  حلقات  الذكر:
  إذا كانت  العامة  تعتنق  الدين  بإخلاص،  وتقبل  عليه  برغبة  عارمة  ، بغـية  الارتواء  من  منهله  العـذب  النمير ؛  فإن  هذه  النية  الطيبة  وحدها  غير  كافية ،  فلابد  إذن  من  نشر مبادئ الدين العامة الضرورية التي  يجب  معرفتها, حتى  تبنى  العقيدة  على  أساس  سليم ، وحتى  تؤدى  العبادات  في  حدودها  التي  رسمها  الشرع، فمن  خلال  هذه  الحلقات  يقدم  قدر  هام  من  كل   ذلك ، خاصة في  مجال  العقيدة  والأخلاق.  وهكذا  تتجلى  أهداف  الحلقات  بأنها  نشر  للمعارف  الدينية ، وترسيخ  للعـقيدة  ، وتربية  أخلاقية,  مستمدة  من  الشريعة ؛ بين  أولئك  الذين  لا يمكنهم  الحصول  على  ذلك  بوسائلهم  الخاصة  المحدودة  .
   وهكذا  نجد  مبادئ  الدين  العامة والأخلاق  الفاضلة  منتشرة  انتشارا  واسعا  بين  أفراد  الأمة,  ولو  كانوا  أميين ، مما  يجعـلنا  نجد  بعـضهم  يملم  إلماما  كافيا  بما  هو  ضروري  من  الدين،  وقد  يتجلى   ذلك  في  سلوكه, حيث  يتسم  بالاستقامة  والعفة  والنزاهة والأمانة, والإيثار وحب  الخير،  والتعاون   على  البر  والتقوى...
    كل  ذلك  نتيجة للتربية  السامية المستمدة  من  مبادئ  الدين  الحنيف.  حتى  أن  بعض  المجتمعات التي  كثر  فيها  هذا  الصنف من  الناس الطيبين، كادت  تحقق  حلم  الفلاسفة  في  الوصول  إلى  تحقيق  المدينة  الفاضلة.
 نوع  الحلقات:
   لا يكاد  يخلو  أي  تجمع  من  الأهالي من  حلقات  الذكر  أو  ما يشبهها،  وهذه  أنواع  منها:     
        1 ـ في  المساجد صباحا  ومساء عقب  صلاتي  الصبح  والمغـرب ،  وتعـقد  باستمرار  مع الإمام وبعـض  المصلين  حسب  الرغبة  والاستعـداد؛  حتى  أن  بعض  الأئمة  توصلوا  إلى  إلزام  المداومين  بتوفير  المعـوض  لهم  عند  الغياب،  ضمانا  لاستمرار  الحلقة.
       2 ـ  في  شهر  رمضان  المبارك  بعـد  صلاة  التراويح،  وهـذه  الحلقات  يحضرها  معظم  المصلين،  لأنها  تجتذب  إليها  الجميع  بسبب  الجو  السائد  من  الإقبال, على  العبادات  في  هذا  الشهر .
       3 ـ في  عيد  الفطر  وعيد  الأضحى  ، وفي  هذين  العيدين  يشارك  الجميع؛ لأن  وقت  الحلقة  مناسب؛ لوقوعه قبل  صلاة  العيد،  ولأن  ترديد  التسبيح  والتهليل  والتكبير  والحوقلة ، بأصوات  شجية ندية ،  وألحان  عذبة حلوة، تأسر  النفوس  ، وتحلق  بها  عاليا ، تجعلها  سابحة  في  ملكوت  السماوات  ؛ كما  تحلق  حمائم  الفردوس,  وتسبح  سمكات  الكوثر في الجنة .  
       4 ـ في  زوايا  القرءان  حيث  يأتي  المريدون  [ الاخوان] لزيارة  الشيخ ،  فهم  يعـقـدون  حلقاتهم  للذكر  بجانب  الطلبة  نزلاء  الزاوية.
      5 ـ وفي  معظم  المساجد  تعـقد  حلقات  الذكر أيام  الجمعة  قبل  الخطبة. وتكاد  تقتصر  على  الصلاة  على  النبي  [ص] . لورود  أثر في  فضل  الصلاة  عليه  في هذا  اليوم.
       6  ـ عقد  حلقات  وتجمعات  للذكر  في  بعض  المزارات،  ويكون  ذلك  في  المواسم  الدينية،  كالمولد  النبوي  الشريف  والعاشوراء. وقد  تكون  في  غير  ذلك.
        7 ـ تعـقـد  تجمعات أخرى  للذكر  دوريا  في  بعض  الزوايا  المتخصصة   بالذكر؛  كزاوية  الشيخ  أمقران  آيت  زلال قديما،  وزاوية  الشيخ  محند  والحسين.  وقد  تستمر  أياما  وليالي  دون  انقطاع.
         8 ـ تعـقد  حلقات  للذكر  في  سهرات  الوفاة؛ وتنصب  الأذكار فيها على  الناحية  الدينية،  من  تسبيح  وتحميد، ووعظ  وإرشاد، والاستعـداد للحياة  بعد  الممات ،  والـتذكير   بالآخرة ونعـيمها بالنسبة للسعـداء ، وأهوالها وعذابها  بالنسبة  للأشقياء. ويكون  الذكر  بالتناوب  مع  الطلبة  الذين  يقرؤون  القرءان.  هذا  عند  الرجال  أما  عند  النساء  فلا  يسمع  إلا الذكر,  لأنهن  لا يحفظن  القرءان. ولدى  بعض  العائلات  تعـقد  هذه  الحلقات  في  الذكرى  الأربعين  للوفاة أيضا.
          9 ـ وهناك  عائلات  تعـقد  حلقاتها  محليا ، دون  أن  ترتبط  بأية  مناسبة، ولكنها  غالبا  ما تعـقـد  عند زيارة  ضيف  من  الأقارب ، ويحضرها  الجميع كبارا  وصغارا ذكورا  وإناثا؛ لأنها عائلية .
      وقد تنطلق  الحناجر بهذه  المدائح في  الأشغال  الجماعية  كجني الزيتون، أو حملات  الحصاد وغيرها،  تبركا  بتلك  الأذكار  ،  وتخفيفا  للتعب  الذي أجهد  الجميع ، ومراعاة لتقليد  الحياء الذي  لا يسمح  بالغناء  عند  تجمع  الأقارب،  اللهم  إلا  إذا  كان  لا يخدش  الحياء. 
    هذا  ولعله  من  المفيد  أن نشير  إلي  اللغة  التي  تلقى بها  تلك  الأذكار وهاتيك  المدائح.
الجواب  : إنها تلقى  بالعربية و بالقبائلية  حسب  المقام؛ فإذا  كانت  مرتبطة  بالعبادة ، فإنها  تلقى  بالعربية  ، إكراما  لها،  ونزولا  عند  الرأي  السائد  بأن  العبادة  إنما  تؤدى بلغة  القرءان،  ولغة  القرءان  هي  العربية.
  أما  فيما  عدا  ذلك  فتؤدى  بالقبائلية ؛  مثل  الوفاة  وذكراها  الأربعين،  وتجمعات  أخرى  غير  مرتبطة بشعائر  دينية.  مع  العلم  أن  الأذكار  والمدائح  الدينية  بالقبائلية، كلها  ترجمة  لمعاني  الأذكار  بالعربية، وللمبادئ  الواردة  في  الشريعة،  وهذا  نموذج  من  ذلك  ينوه  بالصلاة  على  النبي [ص]. مع  التذكير  بأهوال  القبر عند  سؤال  الملكين:
   اَصْلاَةْ  غَفَّرْسُولْ  اَپْنِينْ     رَشْذَغْكْ اَيُولِيوْ فَارَسْ
   ذَدْوَا  اِلْقَلْـپْ اَمُوضِيـن  يَسَّرَذْ  اَلْعَبْذْ  مَايُومَسْ
  اَتَفَظْ  اَسَّنْ مَاكَاوِيـــنْ  اَتسَدُّوظْ  ذِطمَانَه اَيْنَسْ

اِڤُوعَرْ اُﮊَكَّا اَلْمُومْنِــتين            اُلاَشْ اَلْقَضَا اَنِّـﭽَـس
فَـلاَّسْ  اَرَّانْ  ثِمَذْلِــينْ            ذِنَّا اِثِنَجَّانْ  وَحْـذَسْ
نَتٍسَّا ذلْفَعْلِيسْ ذِســـِينْ           لاَچْمَاسْ لاَحْبِيبْ لاَمْوَنَسْ
اَلْمُلُوكْ  اَثَسـْـثـَقْسِِيـنْ           سَالْسَانْ لَيـْﭽزَّمْ اَمْلَمْقَصْ
رَبِّ مَا ِيوَنْ نَغْ سِيـــنْ            اَنـَپِـي ذَشُو اِثْوَلاَظْ ذَﭽْسْ
الْعاَصِي اَسْيِنِي خَمْسِينْ                اَمْلَپْرَاقْ اَتَـتشْ اَثْــمَسْ
الرُوحْ الَمُومَنْ اَذْيِسِّينْ                اَرْيَذْهِشْ وَرْيَفْـــرَاوَسْ
مَڤَسْلاَ اِلسُّوره اَڤَّسِّيـنْ               اِشَهَّذْ رَبِّ وَحْـــذَسْ
جَدِّيسْ نَحْسَنْ ذَالْحُسِينْ              نَكِّنِي ذِالاُمَّه اَيْنَـــسْ
ثَبُّورْثْ الْجَنَّثْ اَسْـتسَلِّينْ            الْمَسْكْ الْعَنْبَرْ اِنَعَّــسْ
الاَحْپَاپِيسْ اَذَزْدَزِّيــنْ               اَذْفَرْحَنْ سَالْحَالَه اَيْنَسْ
يَحْمَذْ رَبِّ الْعَالَمِيــنْ               زِغْ ذِالدُّنِّيثْ يَتسَّحْبَسْ
ذُڤُّـذْمِيگْ آنَپِي عَاشْقِينْ              مِكْنَسْعَى وَاللهْ اُرْنُويَسْ
رَبِّ رَژْقاغْ الْيَقِيــنْ                 ذَصَّپْرْ اَنْسِذْنَا يُونَـسْ
ذِالْجَنَّثْ اَنَزْذَغْ لَحْصِينْ                جَمِيعْ اَكَّا دَنْحَسَّــسْ
ـ مضمون  الحلقات:
لكي  تبلغ  هذه  الحلقات  غايتها  المرجوة  فلابد من  تضمينها  معاني  ذات  صلة  وثيقة  بالدين؛ كالذكر  الذي  يركز  على  أصول  العقيدة  من  تسبيح  وتهليل وتحميد  وتكبير،  وتمجيد  لرب  العالمين،  والصلاة  والسلام  على  اشرف  المرسلين، والحث  على  مكارم  الأخلاق، والدعوة  إلى  الزهد  في  الماديات،  والتعلق  بالمعنويات  والروحانيات،  وعدم  الاغترار  بمفاتن  الدنيا ومباهجها، وصرف  الهمم  إلى  الصالحات  والطاعات ،  والتزود  بها للحياة  بعـد  الممات ، كما  تنفر  من  الفساد  والموبقات ، واقتراف  الآثام  والسيئات.  وهي  كذلك  حافلة  بالدعوات  والابتهالات؛  وهذا  نموذج  من  أذكار  رمضان:
   سبحان  الملك  القدوس     رب  الملائكة  والروح
 «  الحمد  لله  الذي  هدانا  لهذا   ، وما  كنا  لنهتدي  لولا  أن هدانا  الله  لقد  جاءت  رسل  ربنا  بالح» . اللهم  لك الحمد  ، حمدا  كثيرا  طيبا  مباركا  فيه ،  رضينا  بالله  ربا  ، وبالإسلام  دينا ، وبالكعبة  قبلة ، وبالقرءان  إماما ، وبسيدنا  محمد [ص].  نبئا  ورسولا،  ولا حول  ولا قوة  إلا بالله  العلي  العظيم.  تقبل  بفضلك  أعمالنا ، وأختم  بخيرك  آجالنا، والطف  بعـبدك  يا مولانا ، بجاه  محمد  سيدنا.
ربنا  تقبل  منا  الصلاة  والصيام,  واحشرنا  في زمرة  خير  الأنام.
اللهم  أمتنا  مسلمين  محسنين  ،  لا مبدلين  ولا  مغيرين،  لا فاتنين  ولا مفتونين،
يا من  وفقت  أهل  الخير  إلى  الخير  وأعنتهم  عليه  ،  وفقنا  يا مولانا  إلى  الخير  وأعنا  عليه.
ثم  يختم  كل  ذلك  كله  بالصلاة  على النبي [ ص].بصيغ  متنوعة.
فنيات  المبنى:
إذا  كان  من  السهل  جمع  مضمون  ما  يقرأ في  حلقات  الذكر  لتوفره  في  الكتب ، فأن  صياغته  من الصعوبة  بمكان؛  لأنه  يجب  أن  يجمع  بين  المعاني  السامية لمبادئ  الدين ، وبين  المستوى  البسيط  لأولئك  الذين  يتلقونه؛  لذا  نجد  اللغة  فيه  سهلة  للغاية ، لا تكاد  تستعصي  على  أحد مهما  كان  زاده  اللغوي  بسيطا، بل  إن  كثيرا  من  المدائح  الدينية  بالناحية  صيغت  بالقبائلية،  كي  يفهمها  من  لا يفهم  العربية، وهم  الأغلبية  الساحقة؛ بالإضافة إلى  عوامل  التشويق التي  تبعـد  الملل،  وتحفز  الانتباه، وتبعـث  الحيوية  والنشاط ؛ وذلك بعـدم  التزام  رتم  واحد  في  النظم  والتلحين، ذلك  الرتم  الذي   ينتقل  برشاقة  من  إيقاع  إلى  إيقاع ، وتلك  الألحان  الشجية ،  العـذبة  الرقيقة, التي  تأخذ  بالألباب ، وتأسر  النفوس ؛ فتنطلق  محلقة  بها  في  أجواء  روحانية ،  عبقة  بروائح  زكية،  لا تقوى  على  شمها  إلا  الأرواح، وملونة بألوان  بديعة  زاهية،  لم  تألفها  العيون  في  عالم  الفناء.
  كل  ذلك  يجعل  الإنسان  ينغمس  في  بحر  من  السكينة والهدوء، والراحة  والاطمئنان، لامثيل  لها في  عالم  الواقع والماديات .
  قال  الله  تبارك  وتعالى:
[الذين آمنوا  وتطمئن  قلوبهم  بذكر  الله ، ألا بذكر الله  تطمئن  القلوب ، الذين  آمنوا  وعملوا  الصالحات  طوبى  لهم  وحسن  مآب].  الرعد : الآيتان: 28ـ 29
   نبذة  عن  فضل  حلقات  الذكر:
  من  المعروف  أن  هناك  آيات  وأحاديث  كثيرة ، تحث  على  الذكر  كما تـنوه  بحـلقات  الذكر،  وتحض  على  ملازمتها؛ إذن حلقات  الذكر  لم  تنطلق  من  الفراغ، بل  لها  مستند  متين  وأساس  سليم  من  الشرع؛ فمن  ذلك  هذا  الحديث  الشيق  الذي  يصف  حوارا  رائعا  بليغا  يسحر  العقول،  وقد  جرى  بين  الله  واللائكة.  لنستمع إليه:
  عن  أبي  هريرة  [ض]  قال :  قال رسول  الله  [ص]:
«إن  لله  تعالى ملائكة  يطوفون  في  الطرق  يلتمسون  أهل  الذكر، فإذا  وجدوا  قوما  يذكرون  الله  عز  وجل   تنادوا: هلموا  إلى  حاجتكم، فيحفونهم   بأجنحتهم  إلى  السماء  الدنيا، فيسألهم  ربهم ـ وهو أعلم   بهم ـ : ما يقول  عبادي؟  قال : يقولون: يسبحونك، ويكبرونك،  ويحمدونك، ويمجدونك. قال: فيقول:  هل رأوني؟  فيقولون: لا والله  ما رأوك،  قال  فيقول:  كيف  لو  رأوني؟  قال :  يقولون:  لو رأوك كانوا  أشد  لك  عبادة ، وأشد  لك  تمجيدا، وأكثر  لك  تسبيحا.  قال:  فيقول: فما  ذا  قالوا  يسألونني؟  قال :  يقولون:  يسألونك  الجنة.قال:  يقول: وهل  رأوها؟  قال:  يقولون:  لا والله  ما رأوها. قال:  يقول :  فكيف  لو أنهم رأوها؟  قال:  يقولون :  لو  أنهم  رأوها  كانوا  أشد  عليها  حرصا،  وأشد  لها  طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال:  فمم  يتعـوذون؟ قال:  يقولون:  من  النار. قال :  يقول: وهـل  رأوها؟  قال: يقولون: لا والله  ما رأوها.  فيقول: فكيف  لو  رأوها؟ قال: يقولون : لو  رأوها  كانوا  أشد  منها فرارا،  وأشد  لها مخافة. قال:  فيقول: فأشهدكم  أني  قد غفرت لهم. قال"  يقول  ملك  من  الملائكة: فيهم  فلان  ليس  منهم إنما  جاء  لحاجة، قال:  هم  الجلساء  لا يشقى  بهم  جليسهم».
  وفي رواية  مسلم؛ يقولون:  «رب  فيهم  فلان عـبد  خطاء،  إنما  مر  فجلس  معهم. فيقول: وله غفرت،  هم  القوم  لا يشقى  بهم  جليسهم».
  وفي  حديث  آخر عن  أبي هريرة[ض]، وعن  أبي  سعيد  الخدري [ض] قالا:قال  رسول  الله [ص]:
«لا يقعـد  قوم  يذكرون  الله  إلا  حفتهم  الملائكة،  وغشيتهم  الرحمة،  ونزلت  عليهم  السكينة،  وذكرهم  الله  فيمن  عنده». رواه  مسلم.

ــ الخاتمة:
إن الدور  التاريخي  الذي قامت  به  على  أحسن  وجه  حلقات  الذكر  بالناحية  قد  أثمر  ثمرات  يانعة  ؛  تمثلت  في  تربية  أجيال  يقدسون  الدين  ، ويجعلونه  نبراسا  يسيرون  على نوره، ويستمدون منه  عاداتهم  وتقاليدهم  ،  وبذلك  انتشرت  الاستقامة والتكافل  والمحبة  والوئام؛  حتى  أضحت  تصرفات  معظم  الأفراد  تتسم  بالمروءة  والشهامة  والإيثار؛ فتسامت  الأخلاق ،  وارتفعت الهمم،  وعاش  الناس في  هدوء وراحة  بال ، رغم  شظف  العيش ، وقساوة  الحياة.
إن مبادرة  تنظيم  المهرجانات  للمديح  الديني  التي  سنتها  مدير ية  الشؤون  الدينية،  وباقتراح  من  بعض  المخلصين ـ لهي  مبادرة  تستحق  كل  تنويه،  وكل  تشجيع،  وكل  عناية واهتمام،  لأنها  تهدف إلى استغلال  هذا  الزخم  الهائل  من  التراث  الديني  بالقبائلية.  ولكي  يعـود  هـذا  الكنز  النفيس  إلى دوره  الفعال في  تهذيب  الأمة، وقيادتها  إلى  الاستقامة  والصلاح؛  يجب  إحياؤه  وحمايته  من  الاندثار؛ ولتحقيق  ذلك  نقدم  هذه  المقترحات  المتواضعة:
        1 ـ أن  يحدد  توقيت  دوري  معين  لتنظيم  هذه  المهرجانات خلال  السنة.
        2 ـ إن  توفر  الشروط  ماديا  ومعنويا لتنظيم  هذه  المهرجانات.
         3 ـ أن  ينشـر  هذا  التراث  بمختلف  وسائل  النشـر خاصة   أشرطة  التسـجيل،  لسهولة  استعمالها.
         4 ـ تأليف  جمعية ثقافية  تنضوي  تحتها  كل  الفرق  التي  تمارس  هذا  النشاط، ، وتزويدها بما  يلزم  من  الإمكانيات المادية  والمعنوية. 
                                       
                                               محاضرة ألقيت  في مهرجان  المديح  الديني

                                               المنعقد  بولاية  تبزي  وزو   2003/09/24


                                                                                                                         

السبت، 22 أكتوبر 2016

نبذة عن المنطقة الجرجرية

     تحتل كتلة جبل جرجرة و المناطق المحلية بها رفقة جغرافية إستراتيجية مهمة واسعة، تمتد من وادي يسر غربا على مشارف متيجة الشرقية إلى وادي الصومام  شرقا على مشارف جبال البابور، و من البحر شمالا إلى سور الغزلان جنوبا في الهضاب العليا.
و هي جبال شديدة الانحدار، حادة القمم، كثيرة الخوانق ، كثيفة الغطاء النباتي  و الشجري  من نوع أشجار البحر المتوسط، متوسطة  العلو، غليظة الجذوع دائمة الخضرة و متنوعة الأصناف  و منها الصنوبر و الخروب، و البلوط و العرعار و الأرز و الزان، و الزيتون ، و التين و الصفصاف، و غيرها  تنالها نسبة كبيرة من الرطوبة إشرافها على البحر المتوسط ، و تغطي الثلوج قممها العالية طوال فصل الشتاء الطويلة و تكثر بها الينابيع ، و جداول المياه العذبة المتدفقة، و حقول الخضروات في أحواض الأودية، و تزدهر بها الزياتين، و التين التي بركها الله سبحانه و تعالى و اقسم بها في كتابه العزيز، كما تزدهر بها كل أواع  الخضر و الفواكه مما جعلها جنة الله على الأرض الطيبة المباركة المجاهدة و المؤمنة  و المسلمة و يتكاثف السكان فيها عبر التاريخ لظروف تاريخية.
      و تمثل هذه الكتلة الجبلية الجرجرية الشماء ، أهمية خاصة في التاريخ الجزائر القديم و الحديث بما أنجبته من أبطال و عظماء، في ميادين الفكر، و الثقافة و العلوم و السياسة و الإدارة و الحياة العسكرية، تجاوزت شهرتهم حدود الجزائر و بلدان المغرب الإسلامي إلى الأندلس غربا، و الشرق العربي الإسلامي شرقا، و تركوا بصماتهم على كل جوانب الفكر و الثقافة، و الحياة العلمية و الأدبية، و الدينية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها ، للحضارة العربية الإسلامية  في عصورها المختلفة  حتى اليوم.
      فلقد آمن شعب هذا الإقليم العريق بالدين الإسلامي الحنيف و صدق به و بمثله و مبادئه العليا على اقتناع، و من أعماق القلب، منذ آن وصل إلى بلدهم عن طريق الفاتحين المسلمين الأوائل ، و تماسك به غاية التمسك  و حارب  في سبيله حتى خارج البلاد، و بذل النفس و النفيس، و شارك مع غيره في إرساء قواعده  في كل أصقاع القارة الإفريقية شرقا و غربا و جنوبا، في أعماق الصحراء الكبرى و بلد الأندلس، و صقيلية خلال عصر الفتوحات، كما شارك في إثراء الحضرة العربية الإسلامية، مشاركة فعالة، بكثافة في مختلف جوانبها الفكرية و العلمية على امتداد التاريخ الإسلامي.
و يتضح ذلك و يتجسم في كثرة المؤسسات العلمية و الدينية التي لا تخلو منها قرية أو عرش تقريبا، في هذه المنطقة و في كثرة العلماء، و المفكرين و المبدعين ، الذين أنجبهم شعب هذه المنطقة على مر عصور التاريخ الإسلامي إلى اليوم و الحمد لله، و ذلك من فضله و لطفه على أية حال ، و منهم الفقهاء ، الأصوليون، و المحدثون و الشعراء و البلغاء و الكتاب و المؤرخون و الفلاسفة و المشرعون  و القضاة و العدول و المفتون  و حفاظ القرآن الكريم  و المؤلفون و الأطباء  و الفلكيون و المهندسون الزراعيون و المعماريون و غيرهم  ، و بالتأكيد فإن لقلعة بني حماد و بجاية دورا هاما في تطوير العلوم و المعارف ازدهار  الدراسات الإسلامية ، الدينية، الأدبية و العلمية في هذه المنطقة الشماء ابتدءا من مطلع القرن الخامس الهجري (11م) باعتبارهما عاصمتين  بصفة متوالية للدولة الحمادية و لعمال  الدول : المحمدية، الزيانية، و الحفصية فيما بعد ، استقطبتا رجال الفكر و الثقافة و السياسة من الأقاصي البعيدة : تلمسان، فاس، مراكش، و قرطبة، قسنطينة، بسكرة،القيروان،القاهرة،دمشق و بغداد و مكة و المدينة و غيرها ، فزاروهما و أقاموا بهما  و اخذوا  من علمائهما و مفكريهما و تزودوا من علومهم و معارفهم و من تجاربهم في الحياة و معظمهم كما سنعرف من جبال جرجرة و البابور و حوض الصومام إلى جانب المناطق الأخرى .
و لقد خدم علماء هذه المنطقة الفكر و الثقافة العربية الإسلامية، خدمة جليلة و عظيمة جدا، تفوق حد التصور في مختلف المجالات و المعرفة دراية و حفظا و استيعابا و تأليفا و منها الفقه و أصول الدين و علم الحديث ، و العلوم العربية: كالنحو و  الصرف و البلاغة و العروض و الرسم و نظم الشعر و فنونه و الأدب و التوحيد و المنطق و الحساب ، الفلك و علم البيئة و الطب العلاجي و طب الأعشاب أو الصيدلة و التصوف و علوم السير و التاريخ و الأنساب و جغرافية الأرض و الفلسفة و علم القراءات .
و لكي تتضح الصورة نستعرض فيما يلي قائمة لعدد من أعلام الفكر و الثقافة  الذين أنجبتهم المنطقة أو جاءوا إليها ، اثروا الفكر و الحضارات  العربية و الإسلامية بأبحاثهم و دراستهم و مؤلفاتهم  و كونوا أجيالا من العلماء و الفقهاء و البلغاء و الفلاسفة و الشعراء و الكتاب و المحدثين  و غيرهم ، ساروا على دربهم كذلك ، حملوا الأمانة و كانوا خير خلف لخير سلف 
نماذج من رجال الفكر و الثقافة لأبناء المنطقة :
و بما أنه ليس من السهل و قد يكون  من غير الممكن ، حصر رجال الفكر و الثقافة أو الإتيان على سيرهم و تاريخهم و جهودهم الفكرية و الثقافية، فسنستعرض فيما يلي عددا محدودا منهم و نركز على الذين تجاوز تأثيرهم رقعة الجزائر و بلدان المغرب، إلى غيرها  من أصقاع العالم الإسلامي مشرقه و مغربه ، و كان لهم دور  رائد في إثراء الفكر و الثقافة و الحضارة العربية الإسلامية و في تربية الأجيال و تكوين الإطارات  لهذه البلاد الجزائرية المجاهدة الصبورة و الصمودة  و المبدعة و لنبدأ بالعلامة محمد ابن حماد الصنهاجي الحمزاوي البويري  الذي ينعقد هذا الملتقى في مسقط رأسه         البـويرة 
                                       العلماء ورثة الأنبياء




أعلام و شيوخ المنطقة الجرجرية

أعـلام و شيـوخ المنطقة الجرجرية
و دورهم في مقاومة الغزو الثقافي الأجنبي

1.    العلامة محمد ابن حماد الصنهاجي الحمزاوي البويري 
4.    أبو العباس أحمد الغبريني
7.    أبو مهدي عيسى بن أحمد الغبريني
10.                      الشيخ يعقوب بن يوسف المنقلاتي
11.                      الشيخ أحمد بن ادريس اليلولي البجائي
12.                      الشيخ أبو زيد عبد الرحمان الوغليسي
13.                      عمران بن موسى المشدالي
14.                      محمد بن أبي القاسم المشدالي
15.                      محمد بن عبد الحق المشدالي
16.                      أبو علي منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي
17.                      أبو الفضل محمد المشدالي
18.                      الشيخ محمد الصالح
19.                      أحمد الطيب بن محمد الصالح
20.                      الشيخ يحي بن أبي يعلى الزواوي
21.                      العالم محمد بن عمر المليكشي
22.                      الشيخ إبراهيم بن فايد الزواوي
23.                      الفقيه و الطبيب الدللسي
24.                      الشيخ عبد الرحمان بن مخلوف الثعالبي اليسري
25.                      أبو مهدي عيسى الثعالبي
26.                      الشيخ محمد بن عبد الرحمان القشطوبي
     27.                      الشيخ الحسين الورثلاني الحسني 
                                        تقديم الدكتور : يحي بوعزيز  جامعة وهران