أعلام مشدالة بين الماضي و الحاضر
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
أما بعد : السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
يقول احد المفكرين (شعب بدون ذاكرة شعب عديم التاريخ ) و عليه من الواجب أن نتذكر أننا شعب له جذور نقية و أمجاد عريقة تستحق أن تكون مثالا و نموذجا يقتدي به، فلا يمكن أن نتصور و نخطط للمستقبل إلا إذا أخذنا العبرة من الماضي و أدركنا معطيات الحاضر فالتاريخ علمنا انه لا توجد امة انطلقت من العدم ، بل كل امة تنطلق من حيث انتهى الأولون و في هذا التواصل بين (الأمجاد و الأحفاد) تندرج محاضرتنا المتواضعة تحت عنوان :
أعلام مشدالة بين الماضي و الحاضر
هؤلاء الذين يتنوعون بين الشرع و الوضع و بين العقل و النقل و أحيانا أخرى بين الشعر و النثر. و كون المقام لا يتسع للمقال نختصر على عينة من القدماء و عينة من المعاصرين و هم كالتالي:
1- ناصر الدين : (1234 -1331) ميلادية و هو منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي ناصر الدين أبو علي ،نشأ في بجاية مع أبيه فقرأ القرآن عليه و مبادئ العربية و الفقه المالك و الخطابة ثم انتقل إلى المشرق فأخذ عن شمس الدين الاصبهاني و شرف الدين بن السبكي و العز بن عبد السلام و رضا الواسطي و قال عنه صاحب نيل الابتهاج أنه وصل درجة الاجتهاد في الفقه ، و كان من أكبر فقهاء المالكية و أتقن الكثير من العلوم كالنحو و المنطق (علم العقليات) بل يعود الفضل إليه في اكتشاف الطريقة الحوارية في التدريس فقاد ثورة فكرية عظيمة في إصلاح أساليب التدريس ، فكان يستغل الجدل في البحث و المناظرة و من أشهر هذه المناظرات مناظرته مع أبي موسى بن الإمام التلمساني حول البيع حسب مجلة الأصالة (ص 307) و كان يميل لمختصر بن الحاجب و الخليل إذا يقول : (نحن خليليون إن ضل ضللنا ) على حد قول الشيخ إبراهيم مقلاتي و من أهم مؤلفاته أنه ترك شرحا غير تام على رسالة أبي زيد القرواني كما ذكر صاحب نيل الإبهاج و من أهم الذين ذكروه بالخير ابن رشد حين قال عنه: (رحل في صغره إلى مصر مع أبيه فقرأ بها و تهذبت أخلاقه و رقت طباعه ) كما أثنى عليه الغبرني و العبدري و ابن مرزوق .
و من تلامذته الشيح أحمد عمران البجائي شارح ابن الحاجب أبو موسى عمران المشدالي صهره .
منصور بن علي الزواوي و ابن المسفر محمد بن يحي الباهلي البجائي و أبو علي الحسن بن حسين البجائي .
2- أبو موسى (1271-1344) ميلادية و هو عمران بن موسى بن يوسف المشدالي ، أبو موسى ، نشأ في بجاية و فر منها أثناء حصارها فنزل الجزائر ثم ارتحل إلى تلمسان أيام الحصار الاسباني على بجاية سنة 727 هجرية فقر به ابن تاشفين سلطان تلمسان ثم اسس مدرسة بها " التاشفنية " و من تلامذته المقرى الجد الذي قال فيه ( كان كثير الاتساع في الفقه و الجدل مديد الباع فيما سواه مما ذكر) مات بتلمسان و له ضريحين بمشدالة الاول و في قرية أيت يخلف و آخر في قرية امسدورار و يحكي أن القريتين تنازعا على جثته فوجد في كلا القبرين لذلك كان يلقب بوقبرين و من آثاره اتخاذ الركاب من خالص الفضة رسالة و فتاوي نقل بعضها في المعيار.
3- منصور بن علي المشدالي : (710-770) هجرية و هو منصور بن عبد الله الزواوي المشدالي ، انه الفقيه المدرس الأصولي النحوي شيخا فاضلا نظارا مشاركا في العلوم العقلية و النقلية و من أرائه أن العالم لا يسمى عالما إلا إذا توفرت فيه أربعة شروط :
· معرفة أصول العلم على الكمال
· القدرة على التعبير عن ذلك العلم
· معرفة بما يلزم عنه
· القدرة على رفع الإشكالات
4- محمد بن أبي القاسم المشدالي: يرجح انه ولد ما بين( 790-800 ) هجرية و توفي سنة 866 هـ و البعض يقول سنة 859 و هو أبو عبد الله .
محمد بن بلقاسم بن محمد بن عبد الصمد بن حسين بن عبد الله المحسن المشدالي، أخذ العلم عن أبيه فهو فقيه بجاية و خطيبها و مفتيها قال عنه السخاوي اخذ عن أبيه و كان إماما كبيرا مقدما على أهل عصره في الفقه و غيره، ذو وجاهة عند صاحب تونس أم و خطب بالجامع الأعظم ببجاية و تصدى فيه للتدريس و الإفتاء
من مؤلفاته تكملة حاشية الولوغي على المدونة و مختصر البيان لابن رشد و كذلك مختصر أبحاث بن عرفة و فتاوي نثل بعصها في المعيار و الدرر المكنونة .
و لقد أثنى عليه الفقيه أبو الفضل قاسم العقباني و كذا السخاوي الذي قال فيه : العلامة الورع الزاهد و كان يضرب به المثل حيث يقال اتريد ان تكون مثل أبي عبد الله المشدالي.
كما قال عنه الرصاع في فهرسته ( كان قوي المشاركة صحيح المذاكرة) . و من تلامذته ابو الفضل بن محمد المشدالي و أبو عبد الله بن محمد المشدالي ، و أبو الربيع سليمان بن ابراهيم الحسناوي ، ابو عبد الله بن محمد بن احمد بن الطيب بن الامام و بن الشاط و زروق و حمزة بن محمد بن حسن البجائي المغربي .
5- أبو الفضل محمد بن أبي القاسم بن عبد الله الصمد المشدالي : (1417-1460) نشأ ببجاية و تتلمذ على والده عبد الله بن محمد بن القاسم المشدالي، حفظ القرآن و هو في السن السابع ثم قرأ على الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي رافع كما تعلم على هارون المجاهد و أبي عثمان العسوي و أبي مرزوق الحفيد.
و هو قوي الذاكرة و مما ذكر عنه : أن أباه أمره بمطالعة غزوة بدر ليحاضر بها في اليوم الموعود فحفظها حفظا جيدا ، كما يحفظ النص القرآني على ظهر قلب.
رحل إلى تلمسان سنة 840 هجرية الموافق لـ 1436 م ليكمل دراسته فأخذ عن علمائها الكثير من العلوم الشرعية و الوضعية من حساب و جبر و هندسة و طب ، ثم رجع إلى بجاية ليعرج على الشرق إلى عنابة ثم قسنطينة فتونس إلى مصر مارا على قبرص و ناضر الأساقفة سنة 1442 م ثم انتقل إلي بيروت فدمشق ثم طرابلس . ثم القدس و حج البقاع المقدسة سنة 1445 م ثم رحل إلى القاهرة ليمارس مهنة التعليم ، فتتلمذ عليه السخاوي في الأزهر الشريف و قال فيه ( ثم حضرت درسه في فقه المالكية بالجامع الأزهر فظهر لي أنني ما رأيت مثله ... و أن من لم يحضر درسه لم يحضر العلم و لا سمع كلام العرب و لا أرى الناس بل و لا خرج إلى الوجود.)
و قال عنه ابن مرزوق ( إن عاش هذا كان عالم المسلمين ) و اثني عليه أبي غديبة ( الإمام العلامة الاوحد هل زمانه). و من أثاره (شرح على جمل الخونجي) توفي رحمه الله في بلاد الشام سنة 1460 م قبل وفاة والده بسنتين كما توفي أخوه محمد بن عمر بن أبي القاسم سنة 859 هـ في طريقه إلى الحج و هو الابن الأكبر، و كلاهما توفا قبل والديهما.
الأستاذ: بشوط جمال
جامعة بومرداس ملحقة البويرة
0 التعليقات:
إرسال تعليق