...
آخر المواضيع

السبت، 22 أكتوبر 2016

نبذة عن المنطقة الجرجرية

     تحتل كتلة جبل جرجرة و المناطق المحلية بها رفقة جغرافية إستراتيجية مهمة واسعة، تمتد من وادي يسر غربا على مشارف متيجة الشرقية إلى وادي الصومام  شرقا على مشارف جبال البابور، و من البحر شمالا إلى سور الغزلان جنوبا في الهضاب العليا.
و هي جبال شديدة الانحدار، حادة القمم، كثيرة الخوانق ، كثيفة الغطاء النباتي  و الشجري  من نوع أشجار البحر المتوسط، متوسطة  العلو، غليظة الجذوع دائمة الخضرة و متنوعة الأصناف  و منها الصنوبر و الخروب، و البلوط و العرعار و الأرز و الزان، و الزيتون ، و التين و الصفصاف، و غيرها  تنالها نسبة كبيرة من الرطوبة إشرافها على البحر المتوسط ، و تغطي الثلوج قممها العالية طوال فصل الشتاء الطويلة و تكثر بها الينابيع ، و جداول المياه العذبة المتدفقة، و حقول الخضروات في أحواض الأودية، و تزدهر بها الزياتين، و التين التي بركها الله سبحانه و تعالى و اقسم بها في كتابه العزيز، كما تزدهر بها كل أواع  الخضر و الفواكه مما جعلها جنة الله على الأرض الطيبة المباركة المجاهدة و المؤمنة  و المسلمة و يتكاثف السكان فيها عبر التاريخ لظروف تاريخية.
      و تمثل هذه الكتلة الجبلية الجرجرية الشماء ، أهمية خاصة في التاريخ الجزائر القديم و الحديث بما أنجبته من أبطال و عظماء، في ميادين الفكر، و الثقافة و العلوم و السياسة و الإدارة و الحياة العسكرية، تجاوزت شهرتهم حدود الجزائر و بلدان المغرب الإسلامي إلى الأندلس غربا، و الشرق العربي الإسلامي شرقا، و تركوا بصماتهم على كل جوانب الفكر و الثقافة، و الحياة العلمية و الأدبية، و الدينية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها ، للحضارة العربية الإسلامية  في عصورها المختلفة  حتى اليوم.
      فلقد آمن شعب هذا الإقليم العريق بالدين الإسلامي الحنيف و صدق به و بمثله و مبادئه العليا على اقتناع، و من أعماق القلب، منذ آن وصل إلى بلدهم عن طريق الفاتحين المسلمين الأوائل ، و تماسك به غاية التمسك  و حارب  في سبيله حتى خارج البلاد، و بذل النفس و النفيس، و شارك مع غيره في إرساء قواعده  في كل أصقاع القارة الإفريقية شرقا و غربا و جنوبا، في أعماق الصحراء الكبرى و بلد الأندلس، و صقيلية خلال عصر الفتوحات، كما شارك في إثراء الحضرة العربية الإسلامية، مشاركة فعالة، بكثافة في مختلف جوانبها الفكرية و العلمية على امتداد التاريخ الإسلامي.
و يتضح ذلك و يتجسم في كثرة المؤسسات العلمية و الدينية التي لا تخلو منها قرية أو عرش تقريبا، في هذه المنطقة و في كثرة العلماء، و المفكرين و المبدعين ، الذين أنجبهم شعب هذه المنطقة على مر عصور التاريخ الإسلامي إلى اليوم و الحمد لله، و ذلك من فضله و لطفه على أية حال ، و منهم الفقهاء ، الأصوليون، و المحدثون و الشعراء و البلغاء و الكتاب و المؤرخون و الفلاسفة و المشرعون  و القضاة و العدول و المفتون  و حفاظ القرآن الكريم  و المؤلفون و الأطباء  و الفلكيون و المهندسون الزراعيون و المعماريون و غيرهم  ، و بالتأكيد فإن لقلعة بني حماد و بجاية دورا هاما في تطوير العلوم و المعارف ازدهار  الدراسات الإسلامية ، الدينية، الأدبية و العلمية في هذه المنطقة الشماء ابتدءا من مطلع القرن الخامس الهجري (11م) باعتبارهما عاصمتين  بصفة متوالية للدولة الحمادية و لعمال  الدول : المحمدية، الزيانية، و الحفصية فيما بعد ، استقطبتا رجال الفكر و الثقافة و السياسة من الأقاصي البعيدة : تلمسان، فاس، مراكش، و قرطبة، قسنطينة، بسكرة،القيروان،القاهرة،دمشق و بغداد و مكة و المدينة و غيرها ، فزاروهما و أقاموا بهما  و اخذوا  من علمائهما و مفكريهما و تزودوا من علومهم و معارفهم و من تجاربهم في الحياة و معظمهم كما سنعرف من جبال جرجرة و البابور و حوض الصومام إلى جانب المناطق الأخرى .
و لقد خدم علماء هذه المنطقة الفكر و الثقافة العربية الإسلامية، خدمة جليلة و عظيمة جدا، تفوق حد التصور في مختلف المجالات و المعرفة دراية و حفظا و استيعابا و تأليفا و منها الفقه و أصول الدين و علم الحديث ، و العلوم العربية: كالنحو و  الصرف و البلاغة و العروض و الرسم و نظم الشعر و فنونه و الأدب و التوحيد و المنطق و الحساب ، الفلك و علم البيئة و الطب العلاجي و طب الأعشاب أو الصيدلة و التصوف و علوم السير و التاريخ و الأنساب و جغرافية الأرض و الفلسفة و علم القراءات .
و لكي تتضح الصورة نستعرض فيما يلي قائمة لعدد من أعلام الفكر و الثقافة  الذين أنجبتهم المنطقة أو جاءوا إليها ، اثروا الفكر و الحضارات  العربية و الإسلامية بأبحاثهم و دراستهم و مؤلفاتهم  و كونوا أجيالا من العلماء و الفقهاء و البلغاء و الفلاسفة و الشعراء و الكتاب و المحدثين  و غيرهم ، ساروا على دربهم كذلك ، حملوا الأمانة و كانوا خير خلف لخير سلف 
نماذج من رجال الفكر و الثقافة لأبناء المنطقة :
و بما أنه ليس من السهل و قد يكون  من غير الممكن ، حصر رجال الفكر و الثقافة أو الإتيان على سيرهم و تاريخهم و جهودهم الفكرية و الثقافية، فسنستعرض فيما يلي عددا محدودا منهم و نركز على الذين تجاوز تأثيرهم رقعة الجزائر و بلدان المغرب، إلى غيرها  من أصقاع العالم الإسلامي مشرقه و مغربه ، و كان لهم دور  رائد في إثراء الفكر و الثقافة و الحضارة العربية الإسلامية و في تربية الأجيال و تكوين الإطارات  لهذه البلاد الجزائرية المجاهدة الصبورة و الصمودة  و المبدعة و لنبدأ بالعلامة محمد ابن حماد الصنهاجي الحمزاوي البويري  الذي ينعقد هذا الملتقى في مسقط رأسه         البـويرة 
                                       العلماء ورثة الأنبياء




0 التعليقات: